نظام الهاسب (HACCP) :
ما هو تحليل مخاطر مراقبة النقاط الحرجة ؟ ( دليل ضبط الجودة )
جاءت فكرة الهاسب عندما ظهرت الحاجة لتجهيز غذاء مأمون صحياً لرواد الفضاء، حيث اتضح أن أفضل وسيلة لذلك تتمكن في تحديد المخاطر المحتملة التي يمكن أن يتسبب بها الغذاء خلال مراحل التداول المختلفة ومن ثم تحديد معايير وحدود يمكن عند ضبطها الحد من هذه المخاطر. بالرغم من أن هذا المفهوم أعلن عنه في عام 1971م بعد بلورته كنظام وقائي متكامـل يضمن سلامة الغذاء، إلا أن مصانع الأغذية لم تتقبله في بداية الأمر واستمرت في تطبيق النظم التقليدية التي من شأنها أن ترفع من مستوى جودة الغذاء. ويقصـد بذلك الممارسات السليمة للتصنيعGood Manufacturing Practices (GMP) ومثلها في الإنتاج الزراعـي Sanitation Standard Operating Practices (SSOP) والممارسـات الصحيـة القياسيـة ودستـور الغـذاء Food Code. هذه البرامج في الغالب تضعها الجهات المعنية برقابة الأغذيـة للاسترشـاد بها وقـد يتـم تحويرها بما يتناسب ونشاط المنشأة.
بعد زيادة تفشي حوادث التسمم الغذائي في الآونة الأخيرة، وبعد ظهور ممرضات جديدة خطيرةEmerging Pathogens مثل coli 0157 H7وListeria ومع بداية عولمة التجارة.. أصبحت الحاجة ملحة لنظام يحمي المستهلك، وفي عام 1985م أوصت اللجنة المعنية بوضع المعايير الميكروبيولوجية للأغذية في أمريكا بتطبيق نظام تحليل المخاطر وتحديد النقاط الحرجة (الهاسب) Hazard Analysis Critical Control Point (HACCP) وتم تطبيقـه في مصانع الأسـماك واللحـوم والدواجن بصفة إلزامية في أمريكا وبعض الدول، بل أصبح تطبيقه شرطاً لتصدير كثير من البضائع لأمريكا وبعض الدول الغربية.
في هذه الورقة سيتم تغطية نظام الهاسب بتوضيح أهم ملامح هذا النظام باختصار مع التركيز على الأخطار الميكروبيولوجية المحتملة في الغذاء وسبل الحد منها.
تاريخ الهاسب
يعد نظـام الهاسب الذي ارتبط بسلامة الغذاء نظاما وقائيا متكاملا يعالج الأخطار البيولوجية والكيميائية والفيزيائية من خلال التوقعAnticipation ويمنع حدوثها وليس من خلال التفتيش وفحص المنتج النهائي.
نبعت فكرة الهاسب من تطورين رئيسيين هما:
التطور الأول
عبارة عن مفهوم إدارة الجودة الشاملة Total Quality Management (TQM) الذي اقترحه الدكتور ديمينغ في الخمسينات والذي يعزى له التطور الهائل في جودة المنتجات اليابانية وهو عبارة عن نظام متكامل يتطلب جهد جميع العاملين بالمنشأة ويهدف أساسا إلى تحسين الجودة مع خفض التكلفة.
التطور الثاني: الحاجة لإنتاج غذاء مأمون لرواد الفضاء
بدأت فكرة الهاسب في عام 1959م عندما أوكلت مهمة إنتاج الغـذاء لرواد الفضـاء لشـركة بلسبري Pillsbury فلقـد فكرت الشــركة بالتعـاون مـع وكالة ناسا والجيش الأمريكي ، بتطبيـق ما يعرف بمفهـوم ( خالي من العيوب ) ²Zero defect² ولكن هذا المفهوم لم يكن بالإمكان تطبيقه لعدم وجود وسيلة للكشف عن الممرضات في الغـذاء دون إتلافه. وعليه، فكر في مفهوم آخر وجاءت فكـرة المفهوم المعروف بأوضاع الفشـل Modes of failureالمطبق في الجيش الأمريكي وحيث يتم التنبـؤ بالأعطـال ومن ثـم اختيـار نقـاط رئيسية في العملية التصنيعية يتم متابعتها Monitoring لمنع حدوث هذه الأعطال ومن هنا جاءت فكرة نقاط التحكم الحرجة.
في عام 1971م أعلن في مؤتمر عن حماية الغذاء عن قواعد الهاسب وتطبيقها في مجال الأغذية وكانت في ذلك الوقت ثلاث قواعد هي:
- التعرف على المخاطر المرتبطة بالغذاء ومن ثم تقييمها خلال مراحل تداوله المختلفة بدءاً من إنتاجه وحتى استهلاكه.
- تحديد نقاط التحكم الحرجة للسيطرة على المخاطر التي تم التعرف عليها.
- وضع نظم لمتابعة نقاط التحكم الحرجة.
في عـام 1985م أوصت الأكاديمية الوطنيـة الأمريكيـة للعلـوم National Academy of Science في تقرير أعدته اللجنة الاستشارية للمعايير الميكروبيولوجية للأغذية Microbilogical Criteria for foods and food ingredients أوصت بضرورة استخدام مفهوم الهاسب كنظام وقائي فعال من أجل إنتاج أغذية مأمونـة . وجاءت الهيئة العالمية للمواصفات الميكروبيولوجيـة للأغذيـةInternational Commission for Microbiolgical Specifications for Food (CMSF) عام 1988م بتوصية مماثلة.
وفي عام 1989م أصدرت اللجنة الاستشارية المعنية بوضع المعايير الميكروبيولوجية للأغذية في أمريكا (NACMCF) توصياتها بعنوان: "قواعد الهاسب وتطبيقاته في الأغذية".
وفي عام 1991م أصدرت لجنة دستور الأغذية المعنية بالشئون الصحية الغذائية Food Hygiene ما يعرف بـ: إرشادات لتطبيق الهاسب Guidelines for the Application of the HACCP System.
في عام 1993م تم اعتماد هذه الإرشادات، وفي عام 1997م تم تعديل القواعد العامة لصحة الغذاء General Principles of Food Hygiene ليشمل نظام الهاسب.
مزايا الهاسب
1 ـ يؤدي هذا النظام إلى جعل متداولي الغذاء أكثر تفهما لوسائل سلامة الغذاء وبالتالي ضمان فاعليتهم في إنتاج غذاء مأمون.
2 ـ يقلل من فرص سحب المنتج من السوق Product Recall حيث أنه نظام وقائي يعمل على الحد من الأخطار الممكنة المرتبطة بالغذاء.
3 ـ يزيد من ثقة المستهلك في المنتج.
4 ـ يفتح المجال أمام الشركات للتصدير للأسواق العالمية ولاسيما للعالم الغربي.
5 ـ يسهل مهمة التفتيش بالنسبة للجهات الرقابية حيث يتضمن نظام الهاسب توثيق كل ما من شأنه أن يمس سلامة الغذاء بشكل مكتوب أو بأي طريقة يمكن الرجوع إليها عند الحاجة مع اعتماد الهاسب على متطلبات Prerequisets يجب أن تكون مكتوبة ومفصلة .. كل هذا في النهاية يسهل عملية الرقابة.
6 ـ يمكن تصنيف المنشآت بسهولة وفقا لمستواها الصحي.
7 ـ جميع العاملين تقريباً يكونوا معنيين بتطبيق الهاسب مما يشعرهم بأهميتهم، ويؤدي ذلك إلى رفع كفاءتهم ويزيد من إحساسهم بالمسئولية تجاه سلامة الغذاء، وبذلك تصبح المنشأة معنية بالرقابة الغذائية ( الرقابة الذاتية ) وهذا أيضاً يقلل بدوره من الحاجة إلى عدد مرات زيارات التفتيش وعدد المفتشين بالنسبة للجهات الرقابية.
8 ـ نظراً لطبيعة نظام الهاسب ، فيجب توافر حد أدنى من التأهيل في من يكون معنياً بتطبيق نظام الهاسب . وعليه فإن أية منشأة جادة في تطبيقه سوف يكون لزاماً عليها تأهيل العاملين .. وفي ذلك فائدة كبيرة تعود على الشركة على المدى الطويل وعلى المستهلك.
إعداد خطة الهاسب Developing HACCP Plan
تختلـف خطـط الهاســب للمنتجـات المختلفـة لارتباطهـا بالعمليـة التصنيفيـة والمنتـجProduct and specific، وإن كانت الخطـط ( العامــة ) (Generic HACCP Plan ) يسترشد بها عنـد تطويـر خطـة الهاسب لمنتج معين.
عنـد التفكير في إعداد خطـة هاسب HACCP plan يجب إنجـاز خمس مهام أولية قبل تطبيق قواعد الهاسب لمنتج معين ولعملية معينة، وهذه المهام هي:
1 ـ تشكيل فريق الهاسب.
2 ـ وصف الغذاء وطريقة توزيعه.
3 ـ الاستخدام والمستهلك المتوقع للغذاء.
4 ـ إعداد مخطط يوضح سير العملية من البداية حتى النهاية.
5 ـ تمحيص مخطط سير العمليات.
وفيما يلي شرح مختصر لكل مهمة.
تشكيل فريق الهاسب
يتم تشكيل الفريق من أفراد لهم دراية معرفية وخبرة عملية عن المنتج والعملية. وتكون مسؤوليتهم وضع خطة الهاسب. عند تشكيل الفريق يراعى تنوع خلفيتهم العلمية والمهنية ويجب أن يضم أفرادا من الإنتاج، تأكيد الجودة، القسم الصحي Sanitation والقسم الهندسي، ويجب أن يكون من بينهم أفراد لديهم دراية فعلية بالعمل وأن يكونوا متخصصين في ميكروبيولوجيا الأغذية. قد يفيد الاستعانة بخبراء من خارج المنشأة ممن لديهم خبرة بالمخاطر البيولوجية والكيميائية وكذا الفيزيائية المرتبطة بالغذاء أو العملية، ولكن يجب أن تكون الخطة بالأصل نابعة من منسوبي المنشأة لكي تلاقي حماسا والتزاما عند التطبيق وحتى لو استدعى الأمر الاستعانة بفريق خارجي، وفي هذه الحالة يلزم إشراك منسوبي المنشأة المعنيين.
بالنسبة لتحليل المخاطر يجب أن يقوم به خبراء لديهم الإلمام الكافي بتصنيع الأغذية أو على الأقل يسهمون في مراجعة التحليل والتأكد من اكتماله.
توصيف الغذاء وتوزيعه
يقوم فريق الهاسب بتوصيف الغذاء بما في ذلك مكوناته وطرق التصنيع وكيف سيتم توزيعه مجمدا أو مبردا أو عند درجة حرارة الجو العادي.
طريقة الاستخدام والمستهلك المتوقع للغذاء
يتم وصف الاستخدام المتوقع عادة للغذاء هل سيتم استعماله باردا أم ساخنا والمستهلك المتوقع للمنتج، وهل هو من الأشخاص العاديين أم من الفئات الخاصة (كالأطفال، والحوامل، والشيوخ، ومن لديهم نقص مناعي).
إعداد مخطط انسيابي للخطوات
يهدف هذا المخطط الانسيابي إلى توضيح خطوات التصنيع/ الإعداد باختصار. هذا المخطط يجب أن يشمل جميع الخطوات التي تحت سيطرة المنشأة وإن كانت قبل عملية التصنيع/ الإعداد أو بعدها ويستحسن أن يكون بشكل مبسط وواضح.
تدقيق المخطط الانسيابي Verify flow diagram
يجب أن يقوم فريق الهاسب بتدقيق مخطط سير عمليات التصنيع/ الإعداد على الطبيعة للتأكد من اكتماله وشموله لجميع الخطوات وتعديله إذا لزم الأمر.